كل المتتبعين لطريقة سير بعض وسائل الإعلام المحسوبة على المصريين في الفترة الأخيرة، يدركون أن ثمة كارثة حقيقية على وشك الوقوع، خاصة بعد ظهور الدور المشبوه التي تلعبه تلك الوسائل، حتى حدثت المصيبة بالفعل وبشكل يفوق كل التوقعات، وبصورة كادت تعصف بأحلام وطموحات الشعب المصري الشقيق.
-
جرائم ذلك الإعلام الذي يمسح ذنوبه ويبرر خطاياه دائما في المنافسة والزحام الفضائي وحرية التعبير، تجاوزت كل الحدود، حتى نالت القسط الأوفر من سخط وتذمر الجماهير التي قاطعت الكثير من البرامج بسبب مادتها الصفراء وأسلوبها المنفر، ولم يكن "عمرو أديب" مقدم برنامج "هنا القاهرة" هو الوحيد ممن استلوا سيوفهم ضد أبناء وطنهم وأبناء الأمة العربية عموما، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة بعض البرامج التي سخّرت جهودها لتنفيذ مخططات دنيئة هدفها تمزيق الشعوب العربية، وتمكنت الفضائيات التي تحتضن مثل تلك البرامج المشبوهة في إثارة الكثير من النعرات بين أبناء الدين الواحد، وانصب تركيز هؤلاء المأجورين على إثارة الفتن الطائفية والسياسية بين الشعوب العربية، وجاءتهم الفرصة على طبق من ذهب في نهاية أكتوبر الماضي عندما وقعت الجزائر ومصر في مجموعة واحدة في إطار التصفيات المؤهلة لتصفيات كأس العالم المقبلة، حينها بدّلت كل تلك البرامج خرائطها البرامجية لتصبح الرياضة شغلهم الشاغل، وفتح الباب على مصراعيه أمام من يفهمون في الرياضة ومن لا يفهمون فيها، من أجل تسخين الأجواء بين الشعبين الجزائري والمصري.
فعمرو أديب هذا مثلا، لطالما جرح في الجزائريين والفريق الوطني، وبالطبع لم يسلم الفريق المصري نفسه من سهامه، الأمر الذي يؤكد أن هذه الشاكلة من أشباه الإعلاميين لا يهمها وطنها ولا تتعصب لفريقها، وإنما تنفذ خططا معينة ترمي في النهاية إلى تحقيق فرقة وتشاحن عربي ـ عربي.
* الإعلام نسج هزيمة "الفراعنة"
منذ فوز "الفراعنة" بكأس أمم إفريقيا الأخيرة للمرة الثانية على التوالي، ارتفعت الكثير من الأصوات التي لم يرق لها هذا الإنجاز الذي شرّف كل العرب، فعجت الفضائيات المصرية والعربية بالكثير من البرامج التي تكاتفت لإسقاط الفريق المصري لأسباب تظل مجهولة حتى اليوم. وقبيل انطلاق التصفيات المؤهلة لكأس العالم، كانت تلك البرامج قد قطعت شوطا طويلا في التأثير على معنويات الفريق والجهاز الفني المصري، ظهرت بوضوح في اللقاء الأول لـ "الفراعنة" مع زامبيا في القاهرة، والذي انتهى بالتعادل، مما أصاب الجماهير المصرية بخيبة أمل كبيرة، لم يكن ليمحوها سوى الفوز على الجزائر في اللقاء الذي جرى في السابع من جوان الجاري، والذي انتهى لصالح الفريق الوطني بنتيجة عريضة. وللأمانة، وبالإضافة إلى الأداء الجميل والخطة البارعة التي طبقتها تشكيلة شحاتة وجلبت الفوز، فإن الإعلام المصري ساهم بدوره في صناعة هذا الفوز، أو بالأحرى الهزيمة بالنسبة للمصريين، وكانت للتحليلات والمداخلات والعبارات النابية وقعها المعنوي على الفريق الوطني الذي لعب بحمية من أجل إثبات الذات والحفاظ على أمجاد الكرة الجزائرية، في وجه من تعدى عليها أو أجحف بحقها. في حين كانت المشاكل المفتعلة وتصيد الأخطاء من قبل نفس الإعلام للفريق المصري، وقعها السلبي عليه، مما تسبب في انهياره في ذلك اللقاء التاريخي. وذكر هذه الحقائق والتركيز عليها، يأتي من باب الاستفادة من أخطاء الآخرين حتى لا نقع فيها، فبعض وسائل الإعلام الوطنية لم تتعظ بما جرى للفريق المصري وتسير على نهج وسائل الإعلام المصرية، الأمر الذي يزيد من مخاوفنا على الفريق الوطني في هذه المرحلة الحساسة.
* أمريكا تنجو من كابوس الهزيمة على يد العرب
قد يقول البعض إن خسارة "الفراعنة" المفاجأة أمام أمريكا أمر عادي يحدث في عالم كرة القدم، لكن الأزمة التي وقعت للفريق المصري قبيل تلك المباراة، تكشف بوضوح عن جرائم الإعلام في حق الرياضة، وتفضح بعض وسائل الإعلام التي باعت ضميرها وذمتها لتسير في طريق العمالة والتواطؤ.
لقد نجح "الفراعنة" بعد اعتزالهم لوسائل إعلامهم والتركيز على العمل، في تحقيق مفاجآت أذهلت العالم، وقفوا ندا عنيدا لنجوم السامبا وأحرجوهم وكادوا يتفوقون عليهم وخسروا المباراة بصعوبة كبيرة، ثم فازوا فوزا مستحقا على بطل العالم إيطاليا في مباراة رفعت من هامة العرب في الإعلام العالمي، وكان فوزهم على الولايات المتحدة وصعودهم للدور الثاني مسألة محسومة. لكن الولايات المتحدة التي انهزمت بثلاثية برازيلية ونظيرتها إيطالية، لم يكن بالسهل عليها الانهزام أمام فريق عربي يعيد كابوس الفوز الإيراني على أمريكا في مباراة كانت سياسية أكثر منها رياضية، تماما حدث الأمر مع الفريق العراقي الذي واجه الفريق النيوزلندي المهزوم من إسبانيا وجنوب إفريقيا في المجموعة الأولى بكأس القارات، حيث قاتل النيوزلنديون ليحققون تعادلا يحرم العراق من مواصلة المشوار. ورغم أنه كان مجرد تعادل، إلا أن لاعبي الفريق النيوزلندي هللوا ورقصوا وتهاطلت منهم دموع الفرح عقب المباراة، بصورة تكشف بوضوح الحقد الغربي لأي تفوق عربي، احتفلوا لأنهم حرموا العراق من الصعود لصالح فريق جنوب إفريقيا.
من هنا، تطرح عديد من علامات الاستفهام حول حقيقة ما حدث لـ "الفراعنة" قبيل وأثناء لقائهم مع الولايات المتحدة، حادثة سرقة غامضة تتبعها بسرعة اتهامات أخلاقية، تواكبها حملة شرسة من الإعلام المصري ضد اللاعبين وجهازهم الفني، تنتهي بسقوط العرب مرة أخرى أمام أمريكا.
لقد علقت الشعوب العربية وشعوب العالم الثالث وكل من ظلمتهم أمريكا، آمالهم على الفريق المصري لكسر الغرور الأمريكي، باعتبار أن هزيمتها في الكرة في نظرهم انتصار سياسي. تمنت الشعوب المقهورة أن يكسر "الفراعنة الغرور" الأمريكي، حتى الجماهير الجزائرية ـ وبالرغم من المنافسة الحامية بينهم وبين المصريين ـ إلا أنهم ترقبوا المباراة بشوق بالغ ليروا الداعم الأكبر للكيان الصهيوني وهو خاضع للعرب. مشاعر جميلة وحّدت الشعوب المظلومة، وبالطبع لم تغفل أمريكا مثل هذا الأمر، خاصة وأن المنتديات العربية عجت بالتعليقات والأخبار التي تعبّر عن تلك الرغبة وتأثرها على الشارعين العربي والإسلامي.
فعلى سبيل المثال، ربط أحد المعلقين بين قدرة أوباما على اصطياد ذبابة أثناء مقابلة تليفزيونية وطرحها أرضا بساحة البيت الأبيض، وقدرة اللاعب المصري المعروف أبو تريكة على اصطياد المرمى الأمريكي، قائلا "أوباما سيفشل بكل تأكيد لو وقف في حراسة المرمى عن اصطياد أي كرة لتريكة وزملائه".
* "الفراعنة" قرروا الانسحاب قبيل المباراة
ما حدث لـ "الفراعنة" في جنوب إفريقيا لا يمكن فصله عن المؤامرة السياسية، فكل الملابسات تكشف بوضوح عن أياد خفية لعبت بقوة من أجل إجهاض مشروع الفوز العربي على أمريكا. ولأن المرأة ظلت وستظل السلاح الأول الذي يستخدمه الأعداء ضد العرب، نظرا لفاعليته في تحقيق الأهداف بسرعة ونجاح، فقد وظفت المرأة بصورة أخرى في تلك المعركة، فلم يكن من السهل أن تدخل المرأة في صفوف فريق مؤمن متديّن يتحلى بأخلاق جعلته مثلا أعلى للشباب العربي، فدخلت المرأة من الباب الآخر.. من باب الفضيحة، وفي صبيحة المباراة أطلت الصحف بجنوب إفريقيا بعناوين فاضحة، متهمة الفريق المصري بالفعل الفاضح والانحلال الأخلاقي، وعلى الفور تحركت أطراف في القاهرة لتنفيذ الدور المطلوب منها، طوال النهار حملة إشهارية على قناة "أوربت" تحت عناوين: "ترقبوا في برنامج القاهرة اليوم.. فضيحة المنتخب المصري في جنوب إفريقيا.. عاهرات في غرف الساجدين.. الاحتفال بالفوز على إيطاليا على أجساد الساقطات".
تخيلوا هذه الحملة أطلقت قبيل المباراة بساعات، ثم وصلت أخبار الفضيحة لأهالي وزوجات اللاعبين، فتندفع إحداهن طالبة الطلاق، وترفض الأخريات الإجابة على اتصالات أزواجهن.
يقول اللاعب المصري "هاني سعيد" في تصريحاته لـ "الأمة العربية": أصيب اللاعبون بصدمة شديدة وحزم بعضهم حقائبه مقررا مغادرة البطولة والسفر على عجل لمصر خوفا على بيوتهم من الخراب، وعلى أولادهم من الضياع، وحدثت أزمة بالفعل حينما طلب اللاعبون بقيادة أبو تريكة عدم خوض اللقاء أمام الولايات المتحدة، ليعودوا للديار، فاحتج الكابتن حسن شحاتة وحاول ثني اللاعبين عن قراراتهم، لكن معظم اللاعبين أصروا على قرارهم، مما دفع الكابتن شحاتة إلى محاولة إقناعهم بخطورة الأمر، خاصة وأن انسحاب مصر ومنح أمريكا النقاط الثلاث لن يحسم عملية التأهل بالنسبة للفريق الثاني المرافق للبرازيل، نظرا لعدم معرفة نتيجة اللقاء الآخر، الأمر الذي قد يحدث مشكلة توقع "الفيفا" على إثرها عقوبات قاسية على المنتخب المصري. ولأن اللاعبين يحترمون الكابتن حسن ـ يقول سعيد ـ قرروا خوض المباراة، لكنهم أصروا على عدم مواصلة البطولة وعدم مقدرتهم الانتظار حتى يوم 28 جوان ـ موعد انتهاء البطولة ـ والحمد لله رجعنا لنحل مشاكلنا بعد أن ثبتت براءتنا".
يذكر أن هاني سعيد ورد اسمه ضمن قائمة الخمسة لاعبين الذين اتهمتهم الصحف بجنوب إفريقيا في والواقعة الأخلاقية رفقة محمد أبو تريكة ومحمد صلاح أبوجريشة ووائل جمعة ومحمد سمير فرج.